حفاوة اسرائيلية بأورتاغوس بديلة هوكشتاين وترقّب لبناني!

لن ينسى اللبنانيون الديبلوماسي الأميركي آموس هوكشتاين، على الرغم من انتهاء مهمته في الشرق الأوسط مع انتهاء ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، فيما يستعد لبنان لاستقبال الموفدة الديبلوماسية الجديدة مورغان أورتاغوس غداً الخميس.

لا شك في أن هوكشتاين كان بارعاً في عمله، وتمتع بأسلوب خاص، أتاح له تحقيق انجازات على صعيد المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل ولبنان، ونذكر على سبيل المثال اتفاق ترسيم الحدود البحرية وأخيراً وقف اطلاق النار بين اسرائيل و”حزب الله”.

من المؤكّد أن هوكشتاين أحبّ لبنان، وبنى صداقات فيه، واستفاد من ديانته اليهودية كي يشكّل مصدر ثقة لاسرائيل، وكل الظروف كانت مساعدة ليحقّق نجاحات لا يُمكن إلا الاعتراف بها، لكن هوكشتاين ترك لخليفته أورتاغوس “جبالاً” من المهمات الصعبة، ستبدأ غداً في استكشافها ومعاينتها على أرض الواقع، ومن المتوقّع أن تشمل زيارتها لبنان واسرائيل الدولتين المعنيتين بالحرب الأخيرة، وخصوصاً الصعوبات التي تعوق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والخروق الاسرائيلية جنوباً وتحايل “الحزب” على تنفيذ بنود الاتفاق، والعراقيل التي تواجه حكومة تصريف الأعمال والجيش اللبناني، ولن يكون بعيداً ملف تشكيل الحكومة عن أولوياتها، لأنه مرتبط أولاً وأخيراً بضرورة وجود حكومة متجانسة تنفّذ القرار 1701. لذلك يترقّب المسؤولون اللبنانيون زيارة أورتاغوس ومقارباتها السياسية التي ستعكس سياسة الادارة الأميركية الجديدة التي يترأسها دونالد ترامب.

في المقابل، تبدو الصحف الاسرائيلية والمسؤولون في تل أبيب متحمّسين للموفدة الديبلوماسية الأميركية الجديدة، وخصوصاً أنها يهودية، لكن اعتناقها لليهودية ليس متوارثاً، إنما جاء بإرادتها وخيارها، وقد بدأت رحلتها مع اليهودية في العام 2007 أثناء وجودها في بغداد. هناك، شعرت بالحاجة إلى ملجأ روحي في منطقة مأزومة وتشهد حروباً، لذلك تابعت رتبة دينية يوم السبت في مقطورة للجيش الأميركي. وكان لهذه التجربة صدى عميق في وجدانها، ما أثار عملية استكشاف ودراسة بلغت ذروتها في تحوّلها إلى اليهودية، مستعينة بصديقها جوناثان وينبرغر، الذي قدّم لها الدعم والتشجيع. واصلت دراستها أثناء عملها في المملكة العربية السعودية، حيث أجرت جلسات أسبوعية عبر “سكايب” مع حاخامها. وفي النهاية أكملت تحولها في كنيست “آداس إسرائيل” في واشنطن. وأخيراً تزوجت أورتاغوس من وينبرغر عام 2013.

واللافت أن أورتاغوس كانت مؤيدة قوية لاسرائيل طوال حياتها المهنية. ساهم عملها في اتفاقيات إبراهام بصورة كبيرة في تعزيز السلام والتطبيع بين إسرائيل وجيرانها العرب. كما انتقدت أورتاغوس أولئك الذين يسعون إلى نزع الشرعية عن إسرائيل أو فرض معايير مزدوجة عليها. فقد أدانت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، وتحدثت ضد معاداة السامية. وينبع التزام أورتاغوس بإسرائيل من خبرتها المهنية وإيمانها، وهي تنظر إليها باعتبارها حليفاً حيوياً للولايات المتحدة و”منارة للديموقراطية في منطقة متقلّبة”.

وتولت أورتاغوس وظيفة مستشارة أولى لمركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن سابقاً. وهي مديرة أعمال مخضرمة، وخبيرة في السياسة والاتصالات، وخدمت في البحرية الأميركية. في شباط 2021، انضمت إلى آدم بوهلر في تأسيس Rubicon Founder، وهي شركة استثمار رائدة في مجال الرعاية الصحية. كذلك كانت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية عام 2019.

وكانت لها تجربة ديبلوماسية عام 2010 في السعودية، كنائبة ملحق وزارة الخزانة الأميركية. ولعبت دور الوسيط الرئيسي بين وزارة الخزانة الأميركية والقطاع المصرفي في السعودية. وبين عامي 2008 و2010، كانت محللة استخبارات في وزارة الخزانة الأميركية في مكتب الاستخبارات والتحليل. أما خدمتها الحكومية كمسؤولة عن الشؤون العامة في الوكالة الأميركية للتنمية الدوليةUSAID ، فبدأت عام 2007 في العراق.

ولم يأتِ قرار تعيين ترامب لأرتاغوس نائبة لمبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف من إرادة ذاتية، إنما استجابة لحزبه الجمهوري الذي طالب بها، نظراً إلى خبرتها في السياسة الدولية، علماً أن ترامب لم يكن متحمساً لهذه الخطوة بعد علاقة متوترة معها، إذ هاجمت سياسته الخارجية مرة ووصفتها بـ”النهج الانعزالي”. ولفت ترامب إثر قرار تعيينها إلى أنها “حاربتني لمدة ثلاثة أعوام، لكني آمل أن تكون قد تعلّمت درسها”. ويعتبر الجمهوريون أن أورتاغوس ستفيد ترامب كثيراً في مشروع اتفاقيات ابراهام لأنها عملت سابقاً مع صهر ترامب جاريد كوشنر. وستتركّز مهمتها الأولى على لبنان وغزة.

لكن على الرغم من غياب هوكشتاين عن المشهد إلا أن طيفه وانجازاته وعلاقاته سترافق أورتاغوس في كل خطواتها المرتقبة في الشرق الأوسط.